نتنياهو في واشنطن- تصعيد إقليمي بانتظار الرئيس الأميركي الجديد؟

المؤلف: صهيب جوهر10.18.2025
نتنياهو في واشنطن- تصعيد إقليمي بانتظار الرئيس الأميركي الجديد؟

للمرة الرابعة، يعتلي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو منصة الخطابة أمام مجلسي الشيوخ والنواب الأميركيين، وهو امتياز قلّ نظيره، لم يسبق لأي شخصية غير أمريكية أن حظيت به. هذه الزيارة والخطاب يأتيان في أعقاب قرار الرئيس بايدن بالانسحاب من السباق الرئاسي وتقديم نائبته كامالا هاريس كمرشحة بديلة.

على الجانب الإسرائيلي، يروج نتنياهو لرواية جديدة تزعم ازدياد شعبيته، إذ تُظهر استطلاعات الرأي تحسنًا ملحوظًا لحزب الليكود، مع ارتفاع عدد مقاعده إلى 21، بينما شهد حزب غانتس تراجعًا إلى أقل من 22 مقعدًا. ويعزو الليكود هذا التقدم إلى إعلان إسرائيل عن استهداف القائد العام لكتائب القسام، محمد الضيف.

بعد نجاته من محاولة اغتيال جريئة، يواصل المرشح الجمهوري دونالد ترامب جهوده الحثيثة لجذب واستمالة الشارع الأميركي، مما جعل معظم العواصم العالمية تتعامل معه باعتباره رئيسًا مُنتخبًا. تعامل إدارة بايدن، قبيل الانسحاب، مع الدعوات المتزايدة من الديمقراطيين لإعلانه التنحي من السباق الرئاسي، كان له وقع أسوأ من نتائج المناظرة الكارثية التي جمعته مع ترامب. بدت العديد من عواصم العالم في حالة تأهب واستعداد للمرحلة القادمة في ظل رئاسة ترامب، الذي كشف عن تصوراته الطموحة لبرنامجه المستقبلي، وذلك قبل أن تختلط الأمور وتتشابك الأحداث مع قرار بايدن المفاجئ بالانسحاب من السباق.

تشهد الولايات المتحدة أزمة سياسية وأخلاقية واقتصادية هي الأكبر والأعمق منذ تأسيس التحالفات التي أعقبت الحرب العالمية الثانية. تميل لندن وبرلين بشكل متزايد إلى الاعتقاد بأن ولاية ثانية لترامب ستكون في صالح علاقاتهما مع أوروبا والشرق الأوسط، بعد أن استوعب الجمهوريون الأهمية القصوى للعلاقات المتوازنة مع الأوروبيين. في المقابل، تعيش باريس ودول غرب أوروبا قلقًا متزايدًا، مما يدفعها إلى مناقشة خطوات جادة وحاسمة لحماية مصالحها عبر تعزيز الأمن والصناعات الدفاعية والعلاقات الإقليمية.

الدول التي أسهمت في وصول اليمين المتطرف إلى السلطة في أوروبا، كما هو الحال في إيطاليا والمجر، تتطلع بشغف لقدوم ترامب وتمني النفس بوقف الحرب الأوكرانية بأي ثمن سياسي وأمني ممكن. قد يؤدي وصول ترامب إلى تفكك الوحدة الأوروبية، على الرغم من التشريعات الراسخة التي أقرتها إدارة بايدن والتي تجعل من الصعب على ترامب الانسحاب من التزامات الناتو.

يحتل ملف الشرق الأوسط مكانة مرموقة على رأس قائمة أولويات كل من الجمهوريين والديمقراطيين. بدأت حملة ترامب الانتخابية في بث أجواء توحي بوضع خطة جديدة شاملة لتغيير مستقبل المنطقة. في خطاب ترشيحه، صرح ترامب بعزمه على إنهاء الأزمات التي خلقتها الإدارة الحالية، بما في ذلك الحرب الدائرة بسبب الهجوم على إسرائيل، مؤكدًا أن هذه الحرب المأساوية لم تكن لتندلع لو كان هو الرئيس.

تتعامل إيران مع انسحاب بايدن كإشارة واضحة إلى الوضع الحرج الذي يواجهه الحزب الديمقراطي، مما يجعل المفاوضات غير المباشرة التي تجري عبر مسقط غير ذات جدوى. رفعت طهران سقف خطابها وتصعيدها بعد إرسال رسائل دبلوماسية متزامنة مع وصول مسعود بزشكيان إلى سدة الرئاسة. وتزامن ذلك مع استئناف الهجمات على قاعدة "عين الأسد" في سوريا بواسطة طائرات مسيرة، على الرغم من غياب التبني الرسمي لهذه الهجمات.

نفى الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، وجود أي تفاهمات مع مستشار الرئيس الأميركي، آموس هوكشتاين، بشأن المرحلة التي تعقب وقف إطلاق النار، على الرغم من تأكيد الرئيس نبيه بري أن الاتفاق قد أنجز بنسبة تصل إلى 95%.

تمارس إيران سياسة التصعيد بهدف التوصل إلى خفض التصعيد، وهي تدرك تمام الإدراك حجم الواقع الصعب الذي تواجهه، خاصة وأن زيارة نتنياهو المرتقبة إلى واشنطن قد لا تحمل في طياتها حلولاً جذرية. في المقابل، لجأت طهران إلى تصعيد العمليات والمواجهات ضد المصالح الإسرائيلية، وصولًا إلى استهداف تل أبيب نفسها.

أصبحت المعادلة التي تتبناها طهران للمواجهة والتسوية واضحة جلية، وهي ممارسة الضغط والتصعيد لإجبار إسرائيل على وقف الحرب الدائرة، مع الترقب لما يمكن أن تسفر عنه زيارة نتنياهو إلى واشنطن من نتائج. وفي حال استمرت الحرب المشتعلة، تتعامل طهران مع التصعيد الإقليمي كخيار أخير ونهائي، خاصة مع الارتباط الوثيق بين تطورات الوضع المتأزم في جنوب لبنان وتطورات الوضع الميداني في غزة.

إذا استمرت هذه الحالة من المراوحة المفتوحة، فسيكون من مصلحة نتنياهو الإبقاء على ساحات الحرب مشتعلة في غزة ولبنان، مع رفع وتيرة التصعيد وانتظار دخول الرئيس الجديد إلى البيت الأبيض. أي رئيس قادم سيجد الشرق الأوسط برميلًا من البارود بين يديه، ومن هنا وحتى تلك اللحظة، يبقى الخوف قائمًا من لحظة جنون التطرف اليميني التي لا تبدو مستعدة للتعقل والاتزان.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة